كلمة المؤسسين
في عام 1983م رزقنا الله تعالى بطفلنا الثاني، واكتشفنا أن لديه إعاقة سمعية وتكررت المشكلة مع الطفل الثالث والرابع. وحيث أن خدمات التأهيل السمعي اللفظي (التخاطب) لم تكن متوفرة في مدينة جدة في ذلك الوقت، اضطررنا للسفر خارج المملكة لتلقي التأهيل بالولايات المتحدة الأمريكية. وبحمد الله تعالى وبفضل برنامج التأهيل الذي حصل عليه أبناؤنا هناك، تم ادراجهم بالمدارس النظامية ومن ثم بالجامعات.
ونظراً للاستفادة الكبيرة التي حصل عليها أبناؤنا من جراء التدخل المبكر وخدمات التأهيل في مجال التخاطب، قررنا تأسيس مركز متخصص لتقديم هذه الخدمات لكل من يحتاجها
ُأسّس مركز جدة للنطق والسمع والتأهيل الطبي كمؤسسة خاصة (غير ربحية) في عام 1991م بهدف تقديم خدمات التخاطب المبنية على الأبحاث والبراهين العلمية باللغتين العربية والانجليزية(على سبيل المثال لا الحصر؛ النطق، الطلاقة، الصوت، اللغة الاستقبالية، اللغة التعبيرية، مهارات اللغة العملية، التأهيل السمعي اللفظي، والحبسة الكلامية) وعلى نفس المستوى الذي حصل عليه أبناؤنا في الولايات المتحدة الأمريكية.
وهنا واجهتنا عقبة كبيرة حيث أن تخصص اضطرابات التواصل بالعالم العربي في ذلك الوقت لم يرق للمستوى المطلوب. ولذلك، تحتم علينا القيام بتأهيل الكوادر التي سوف تعمل بالمركز. فقمنا باستقطاب عدد من أساتذة الجامعات العاملين في مجال التخاطب والسمعيات من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا للاشراف على برنامج منح الماجستير في علوم التخاطب الذي صمم خصيصاً بالتعاون مع جامعة سان خوزيه بولاية كاليفورنيا الأمريكية، حيث حصل جميع الأخصائيين العاملين بالمركز من سعوديات وجنسيات عربية أخرى من الأردن ومصر والسودان على منح دراسية للحصول على درجة الماجستير في علوم التخاطب من هذه الجامعة المرموقة. وبعد التخرج وبحمد الله تعالى، اجتاز جميعهم امتحان الجدارة الاكلينيكية من الجمعية الأمريكية للنطق واللغة والسمع ASHA (البورد الأمريكي CCC-SLP).
واستمر مركز جدة للنطق والسمع والتأهيل الطبي (جش) في تقديم البعثات الدراسية والبرامج التدريبية، مما ساهم في حصول أكثر من خمسين أخصائي/أخصائية على شهادة الجدارة الاكلينيكية
(CCC-SLP) في مجالات التخاطب والسمعيات.
ولضمان أن جميع الأخصائيين العاملين بالمركز على دراية كاملة بآخر التطورات والأبحاث في هذا المجال، تم ادراجهم ببرنامج جش للتطوير والتعليم المستمر والذي يشمل الالتحاق ببرامج التعليم المستمر في بعض الجامعات بالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، وكذلك الالتحاق بالدورات التدريبية المقدمة بالعيادات المتخصصة ومراكز التدريب في هذه الدول، إضافة إلى منح الماجستير والدكتوراه المقدمة لبعض الأخصائيين بالمركز.
ولسد الفراغ الناتج عن عدم وجود كوادر سعودية كافية للعمل في هذا المجال، تم التعاون مع كلية دار الحكمة بجدة في افتتاح أول برنامج بكالوريوس في علوم التخاطب بالمنطقة الغربية، والذي يتماشى مع معايير الجمعية الأمريكية للنطق واللغة والسمع ASHA.
كما تم تأسيس قسم البحث العلمي والتطوير بالمركز لتوفير الوسائل العلاجية والمواد التدريبية باللغة العربية مع ملاءمتها لثقافتنا العربية والاسلامية. حيث تستخدم هذه المواد والوسائل التي تم تطويرها من قبل أخصائيين حاصلين على درجة الكفاءة الاكلينيكية في النطق والسمع CCC-SLP في كثير من المستشفيات، الجامعات، المدارس، ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة بمعظم الدول العربية.
وقد اهتم المركز دائماً بتوفير أحدث الخدمات التشخيصية والعلاجية لمختلف أفراد المجتمع. فعلى سبيل المثال، يوفر قسم السمعيات الخدمات التأهيلية والدعم المستمر للأطفال والكبار. حيث يقدم قسم السمعيات برنامجاً علاجياً متكاملاً لزراعة القوقعة السمعية للأطفال ضعاف السمع يتضمن استشارة أفضل الجراحين في المملكة العربية السعودية، تقديم مختلف الفحوصات الطبية، عمل التقييم الشامل للسمع والتخاطب، ارشاد وتدريب أولياء الأمور، والحاق الأطفال وأمهاتهم ببرنامج الشريفة حزماء المجاني للتدخل المبكر لمدة ستة شهور، ثم برنامج التأهيل السمعي اللفظي بالمركز.
واستجابة للمتغيرات المتسارعة في مجتمعنا، وتلبية لرغبات المراجعين وذوي الاختصاص، استحدث مركز جدة للنطق والسمع خدمة جديدة وهي وحدة تحليل السلوك التطبيقي Applied Behavior Analysis ABA. تعنى وحدة تحليل السلوك التطبيقي بعلاج الأطفال الذين يعانون من مشاكل تواصلية وسلوكية ناجمة عن الاضطرابات النمائية مثل اضطراب طيف التوحد، وفرط الحركة وتشتت الانتباه. فسعينا لتقديم الأفضل لأبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة يحتم علينا الاستفادة من العلوم والأبحاث الحديثة، والعمل مع أفضل الخبراء في هذه المجالات من الولايات المتحدة الأمريكية.
و أخيراً، فإن رسالتنا هي تقديم هذه الخدمات لكل من يحتاج إليها دون استثناء، مع الحفاظ على مستوى الخدمات من خلال الالتزام بالمعايير التي أرستها الجمعية الأمريكية للنطق واللغة والسمع لهذه المهنة. ولتحقيق ذلك قمنا بانشاء صندوق خاص لمساعدة المرضى من ذوي الدخل المتدني لكي لا يحرموا من خدمات التأهيل بالمركز.
وباذن الله تعالى، نعدكم أننا سنستمر جاهدين في تأدية هذه الرسالة نحن وأبناءنا من بعدنا.